فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ‏}

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ إنْ تَوَلَّيْنَا اُسْتُبْدِلُوا بِنَا وَلاَ يَكُونُوا أَمْثَالَنَا فَضَرَبَ عَلَى فَخِذِ سَلْمَانَ وَقَالَ هَذَا وَقَوْمُهُ وَلَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ الْفُرْسِ‏.‏

وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ قَالُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ وَسَلْمَانُ إلَى جَنْبِهِ قَالَ هُمْ الْفُرْسُ هَذَا وَقَوْمُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ‏.‏

وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏,‏ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ‏:‏ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ فَهْدٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ إنْ تَوَلَّيْنَا اُسْتُبْدِلُوا ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَنَا‏؟‏ قَالَ وَكَانَ سَلْمَانُ إلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخِذَ سَلْمَانَ وَقَالَ هَذَا وَقَوْمُهُ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ الإِيمَانُ بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَاَلَّذِي حَمَلَنَا عَلَى أَنْ أَتَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ فَاسِدَ الإِسْنَادِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الَّذِي رَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْهُ وَهُوَ أَبُو عَلِيٍّ بْنُ الْمَدِينِيِّ لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى تَرْكِ رِوَايَتِهِ خَوْفًا أَنْ يُخْرِجَهُ رَجُلٌ مِنْ هَذَا الإِسْنَادِ فَيَعُودُ الْحَدِيثُ إلَى إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلاَءِ لأَنَّهُ أَحَدُ الرُّوَاةِ عَنْهُ وَمَعَ إسْمَاعِيلَ مِنْ الْجَلاَلَةِ وَالتَّقَدُّمِ فِي الْعِلْمِ وَالتَّثَبُّتِ فِي الرِّوَايَةِ مَا مَعَهُ فِي ذَلِكَ فَيَعُدُّنَا مَنْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ تَارِكِينَ لِحَدِيثِهِ فِي هَذَا الْبَابِ لاَ يَحْسُنُ مِنْ مِثْلِنَا تَرْكُهُ مِنْهُ فَذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ لِذَلِكَ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَعْنَى مَا فِيهِ فَوَجَدْنَاهُ وَعِيدًا شَدِيدًا لِلْمَذْكُورِينَ فِيهِ إنْ تَوَلَّوْا مِنْ اسْتِبْدَالِ غَيْرِهِمْ بِهِمْ مِمَّنْ لاَ يَكُونُونَ أَمْثَالَهُمْ فِيهِ‏,‏ فَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ إنْ تَوَلَّوْا فَلَمْ يَتَوَلَّوْا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ فَيَسْتَحِقُّوا ذَلِكَ الْوَعِيدَ رضوان الله عليهم وَوَجَدْنَا الْوَعِيدَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ إلَى مَنْ يُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ‏,‏ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ‏{‏وَلَقَدْ أُوحِيَ إلَيْك وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ‏}‏ وَذَلِكَ مِمَّا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لاَ يَكُونُ مِنْهُ‏;‏ لأَنَّهُ قَدْ تَوَلَّاهُ وَأَعْصَمَهُ وَأَعَدَّ لَهُ رِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ وَكَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْوَعِيدِ غَيْرَهُ بِمَعْنًى أَيْ‏:‏ لَمَّا كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ اللَّهِ تَعَالَى هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ وَكَانَ إنْ أَشْرَكْ لَحِقَهُ الْوَعِيدُ الَّذِي فِي هَذِهِ الآيَةِ وَالشِّرْكُ لاَ يَكُونُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَنْ قَدْ يَكُونُ الشِّرْكُ إذَا أَشْرَكَ بِذَلِكَ الْوَعِيدِ أَوْلَى وَبِوُقُوعِهِ بِهِ أَحْرَى‏.‏

وَمِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ صلى الله عليه وسلم ‏{‏وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأََخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ الْوَتِينُ‏:‏ نِيَاطُ الْقَلْبِ‏,‏ ثُمَّ قَدْ عَلِمَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ مِنْهُ‏,‏ فَأَعْلَمَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ هَذَا الْوَعِيدُ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ مُوهَمٌ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَعْصِمْهُ عَنْهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُمْ بِحُلُولِ ذَلِكَ الْوَعِيدِ بِهِمْ إذَا كَانَ مِنْهُمْ أَوْلَى وَبِوُقُوعِهِ بِهِمْ أَحْرَى فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ وَ عَزَّ لَهُمْ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَهُمْ خِيرَتُهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَعَدَّ مَا أَعَدَّ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ مِنْ كَرَامَتِهِ وَرِضْوَانِهِ بِمَا لاَ يَكُونُ مِنْهُمْ مَعَهُ فِي الدُّنْيَا التَّوَلِّي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ ذَلِكَ الْوَعِيدُ لِسِوَاهُمْ مِمَّنْ قَدْ يَجُوزُ تَوَلِّيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ بِتَوَلِّيهِ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَعِيدِ وَيَكُونُ حَرِيًّا بِوُقُوعِهِ بِهِ‏,‏ وَاَللَّهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوهُ إِلاَّ بِتَوْقِيفِهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُمْ عَلَيْهِ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ‏}

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّلْقَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ بُكَيْر بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا مَعَاشِرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَرَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَسَنَاتِنَا إِلاَّ مَقْبُولاً حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} فَتَأَمَّلْنَا مَا هَذَا الَّذِي يُبْطِلُ أَعْمَالَنَا فَقُلْنَا الْكَبَائِرُ الْمُوجِبَاتُ وَالْفَوَاحِشُ حَتَّى نَزَلَتْ إنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فَلَمَّا نَزَلَتْ كَفَفْنَا عَنْ الْقَوْلِ‏,‏ وَكُنَّا نَخَافُ عَلَى مَنْ أَصَابَ الْكَبَائِرَ وَنَرْجُو لِمَنْ لَمْ يُصِبْهَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَدَلَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْبَدْءِ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ مَنْ كَانَتْ فِيهِ الْكَبَائِرُ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الْحَسَنَاتُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ الْمَتْلُوَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَعَلِمُوا بِهَا أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فَعَقَلُوا بِذَلِكَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يَغْفِرُ لأَهْلِ الْكَبَائِرِ إذَا كَانُوا مَعَهَا لاَ يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْبِرِّ وَالإِثْمِ مَا هُمَا‏؟‏

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهَارُونُ بْنُ كَامِلٍ قَالاَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ أَقَمْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ سَنَةً مَا يَمْنَعُنِي مِنْ الْهِجْرَةِ إِلاَّ الْمَسْأَلَةُ فَإِنَّ أَحَدَنَا كَانَ إذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ قَالَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْبِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ الزُّبَيْرِ أَبِي عَبْدِ السَّلاَمِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْرَزٍ عَنْ وَابِصَةَ الأَسَدِيِّ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لاَ أَدَعَ شَيْئًا مِنْ الْبِرِّ وَالإِثْمِ إِلاَّ سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَانْتَهَيْتُ إلَيْهِ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَفْتُونَهُ فَجَعَلْتُ أَتَخَطَّاهُمْ لأَدْنُوَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْتَهَرَنِي بَعْضُهُمْ‏,‏ وَقَالَ‏:‏ إلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ‏:‏ دَعُونِي فَوَاَللَّهِ إنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ‏:‏ دَعُوا وَابِصَةَ ثُمَّ قَالَ‏:‏ اُدْعُوا وَابِصَةَ ثُمَّ قَالَ‏:‏ اُدْنُوا وَابِصَةَ فَأَدْنَانِي حَتَّى قَعَدْت بَيْنَ يَدَيْهِ‏,‏ فَقَالَ سَلْ أَوْ أُخْبِرُكَ فَقُلْت لاَ بَلْ أَخْبِرْنِي قَالَ جِئْتَ تَسْأَلُ عَنْ الْبِرِّ وَالإِثْمِ‏.‏

قُلْت‏:‏ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي وَيَقُولُ يَا وَابِصَةَ اسْتَفْتِ نَفْسَك قَالَهَا ثَلاَثًا الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إلَيْهِ النَّفْسُ‏,‏ وَاطْمَأَنَّ إلَيْهِ الْقَلْبُ‏,‏ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاك النَّاسُ وَأَفْتَوْك‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأَمَّلْنَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ مِنْهُمَا أَنَّ الْبِرَّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَفِي حَدِيثِ وَابِصَةَ مِنْهُمَا أَنَّ الْبِرَّ مَا اطْمَأَنَّتْ إلَيْهِ النَّفْسُ‏.‏

وَوَجَدْنَاهُمَا جَمِيعًا يَرْجِعَانِ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ‏;‏ لأَنَّ النَّفْسَ إذَا اطْمَأَنَّتْ كَانَ مِنْهَا حُسْنُ الْخُلُقِ وَكَانَ الإِثْمُ مَعَهُ ضِدَّ ذَلِكَ مِنْ انْتِفَاءِ الطُّمَأْنِينَةِ عَنْ النَّفْسِ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ سُوءُ الْخُلُقِ وَمَا يَتَرَدَّدُ فِي الصُّدُورِ عِنْدَ مِثْلِهِ وَلاَ يُخْرِجُهُ فُتْيَا النَّاسِ صَاحِبَهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ‏,‏ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ‏,‏ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الصِّدْقُ طُمَأْنِينَةٌ وَالْكَذِبُ رِيبَةٌ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَالطُّمَأْنِينَةُ مَعَهَا حُسْنُ الْخُلُقِ وَالرِّيبَةُ مَعَهَا سُوءُ الْخُلُقِ وَمَا يَتَرَدَّدُ فِي الصُّدُورِ وَلاَ يُخْرِجُهُ فُتْيَا النَّاسِ فَعَادَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَنِعْمَتِهِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى تَصْدِيقِ بَعْضِهِ بَعْضًا لاَ إلَى تَضَادِّ بَعْضِهِ بَعْضًا‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَاعِظِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهَارُونُ بْنُ كَامِلٍ قَالُوا ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ ضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَثَلاً صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورٌ فِيهِ أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ السُّتُورُ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُدْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلاَ تَعْوَجُّوا‏,‏ وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ، كَأَنَّهُمْ يَعْنُونَ رَجُلاً، فَتْحَ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَك لاَ تَفْتَحْهُ فَإِنَّك إنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ فَالصِّرَاطُ الإِسْلاَمُ وَالسُّتُورُ حُدُودُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏,‏ وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى‏,‏ وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِهِ كَأَنَّهُ يَعْنِي الصِّرَاطَ وَاعِظُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ أَحَدُ مُؤَذِّنِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ جَمِيعًا قَالاَ ثنا آدَم بْنُ أَبِي إيَاسٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ فَإِذَا أَرَادَ إنْسَانٌ فَتْحَ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ‏.‏

وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ قَالُوا ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ضَرَبَ مَثَلاً صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا عَلَى كَنَفَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ لَهُمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ وَدَاعٍ يَدْعُو عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِهِ وَاَللَّهُ يَدْعُو إلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فَالأَبْوَابُ إلَى كَنَفَيْ الصِّرَاطِ حُدُودُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَقَعُ أَحَدٌ فِي حُدُودِ اللَّهِ حَتَّى يَكْشِفَ سِتْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏,‏ وَاَلَّذِي يَدْعُو مِنْ فَوْقِهِ وَاعِظُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا كُلَّ مَا فِيهِ مَكْشُوفَ الْمَعْنَى غَيْرَ مَا فِيهِ مِنْ وَاعِظِ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّا احْتَجْنَا إلَى الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مَا هُوَ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا الْوَاعِظَ مِنْ الآدَمِيِّينَ هُوَ الَّذِي يَنْهَى النَّاسَ عَنْ الْوُقُوعِ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ‏,‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مِثْلَهُ فِي قَلْبِ الْمُسْلِمِ هِيَ حُجَجُ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي تَنْهَاهُ عَنْ الدُّخُولِ فِيمَا مَنَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحَظَرَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّهَا هِيَ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْبَصَائِرِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَالْعُلُومِ الَّتِي أَوْدَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهَا فَيَكُونُ نَهْيُهَا إيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ وَزَجْرُهَا إيَّاهُ عَنْهُ كَنَهْيِ غَيْرِهَا مِنْ النَّاسِ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مِثْلُهَا إيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّذْرِ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ قَالَ حَفْصٌ وَسَمِعْت ابْنَ مُحَيْرِيزٍ وَهُوَ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَقَالَ يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأَمَّلْنَا إسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ ظَاهِرُهُ سَمَاعَ عُبَيْدِ اللَّهِ إيَّاهُ مِنْ الْقَاسِمِ فَكَشَفْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِهِ‏,‏ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيُطِعْهُ‏,‏ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلاَ يَعْصِهِ‏,‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ إنَّمَا كَانَ أَخَذَهُ عَنْ طَلْحَةَ كَمَا أَخَذَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْهُ عَنْ الْقَاسِمِ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَيْلِيَّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ ثُمَّ فَتَأَمَّلْنَا مَا حَدَّثَ بِهِ حَفْصٌ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ فَوَجَدْنَا فِيهِ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاذِرَ بِالْمَعْصِيَةِ بِالْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ عَجْزٍ مِنْهُ عَنْ إصَابَةِ ذَلِكَ بِأَفْعَالِهِ وَلَكِنْ لِعَجْزٍ عَنْهُ لِمَنْعِ الشَّرِيعَةِ إيَّاهُ مِنْهُ‏,‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَنْعَ الشَّرِيعَةِ إيَّاهُ مِنْهُ كَعَجْزِهِ فِي نَذْرِهِ عَنْ فِعْلِهِ إيَّاهُ وَأَنَّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ الْكَفَّارَةَ وَأَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى مَنْ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ النَّذْرُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ فِعْلَهُ الْكَفَّارَةُ‏.‏

وَوَجَدْنَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ أَمَرَ بِهِ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ أُخْتَهُ‏,‏ كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً فَقَالَ‏:‏ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا لِتَحُجَّ رَاكِبَةً وَتُكَفِّرْ يَمِينِهَا‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا رُوِيَ بِهِ هَذَا الْحَدِيثُ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُيَيِّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْكَعْبَةِ حَافِيَةً غَيْرَ مُتَخَمِّرَةٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُقْبَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَكَانَ كَشْفُ أُخْتِ عُقْبَةَ رَأْسَهَا حَرَامًا عَلَيْهَا فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْكَفَّارَةِ لِذَلِكَ لِمَنْعِ الشَّرِيعَةِ إيَّاهَا مِنْهُ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ مِنْهُ أَيْضًا مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ‏,‏ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ‏,‏ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيَّ يَذْكُرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ حَرْفًا حَرْفًا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ اسْمُ أَبِي سَعِيدٍ جُعْثُلٌ وَكَانَ قَاضِي إفْرِيقِيَّةَ وَمِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً نَاشِرَةً شَعْرَهَا فَسَأَلَ عُقْبَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِتَرْكَبْ وَلْتَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ‏,‏ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُقْبَةَ أَنْ يَأْمُرَ أُخْتَهُ بِالْكَفَّارَةِ فِيمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَتَرْكِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ إذْ كَانَتْ الشَّرِيعَةُ تَمْنَعُهَا مِنْهَا‏.‏

وَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ شَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْكَعْبَةِ حَافِيَةً نَاشِرَةً شَعْرَهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ وَلْتُهْدِ هَدْيًا‏.‏

وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْبِرْكِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْكَعْبَةِ فَأَتَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا لِهَذِهِ‏؟‏ قَالُوا نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ مَشْيِهَا مُرُوهَا فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ قَدْ رَوَيْتَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ قَتَادَةَ‏,‏ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ‏,‏ وَعَنْ مَطَرٍ‏,‏ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ فِيمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْتِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَيْتُهُ مِنْهُمَا عَلَى مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَقَدْ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ‏,‏ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْهَدْيَ الَّذِي فِي ذَيْنِكَ الْحَدِيثَيْنِ‏.‏

فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ‏,‏ عَنْ عِكْرِمَةَ‏.‏

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏,‏ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَلَغَهُ أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً‏,‏ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ نَذْرِهَا غَنِيٌّ‏,‏ فَمُرْهَا فَلْتَرْكَبْ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَهِشَامٌ أَحْفَظُ مِنْ هَمَّامٍ‏,‏ فَكَيْفَ قَبِلْتُمْ زِيَادَةَ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَلَيْهِ‏؟‏ كَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنَّا قَبِلْنَاهَا إذْ كَانَ هَمَّامٌ لَوْ رَوَى حَدِيثًا‏,‏ فَانْفَرَدَ بِهِ‏,‏ كَانَ مَقْبُولاً مِنْهُ‏,‏ فَكَذَلِكَ زِيَادَتُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْت مَقْبُولَةٌ مِنْهُ‏,‏ لاَ سِيَّمَا وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ مَطَرٌ عَنْ عِكْرِمَةَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

فَسَأَلَ سَائِلٌ عَمَّا وَقَعَ فِي هَذِهِ الآثَارِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِهَا بِالْكَفَّارَةِ كَمَا يُكَفِّرُ الْحَالِفُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي بَعْضِهَا بِالْهَدْيِ كَمَا يُهْدِي مَنْ قَصَّرَ فِي شَيْءٍ مِنْ حَجِّهِ عَنْ مَا قَصَّرَ عَنْهُ فِيهِ هَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَضَادٌّ أَوْ اخْتِلاَفٌ‏؟‏ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ لاَ تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ لأَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ كَانَ فِي نَذْرِهَا الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى لِحَجِّهَا وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الطَّاعَاتِ لاَ مِنْ الْمَعَاصِي فَوَجَبَ عَلَيْهَا فَلَمَّا قَصَّرَتْ عَنْهُ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مَنْ قَصَّرَ فِي حَجِّهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ طَوَافٍ مَحْمُولاً مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَشْيِ وَهُوَ الْهَدْيُ‏,‏ وَكَانَتْ فِي نَذْرِهَا بِمَعْنَى الْحَالِفَةِ لِكَشْفِهَا شَعْرَهَا فِي مَشْيِهَا فَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا مَا حَلَفَتْ عَلَيْهِ لِمَنْعِ الشَّرِيعَةِ إيَّاهَا عَنْهُ فَأُمِرَتْ بِالْكَفَّارَةِ عَنْهُ كَمَا يُؤْمَرُ الْحَالِفُ بِالْكَفَّارَةِ عَنْ يَمِينِهِ إذَا حَنِثَ فِيهَا‏.‏

وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ قَالَ لَنَا يُونُسُ وَقَدْ كَانَ ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَاهُ أَيْضًا فَقَالَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

قَالَ وَ مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ الثَّقَفِيُّ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي خَيْرٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَ مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ثنا كَعْبٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَجَمِيعُ مَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ ذِكْرُ مَا كَانَ وَجَبَ عَلَى أُخْتِ عُقْبَةَ لِتَقْصِيرِهَا عَنْ مَشْيِهَا فِي حَجِّهَا وَلِتَقْصِيرِهَا عَنْ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهَا لِمَنْعِ الشَّرِيعَةِ إيَّاهَا عَنْ الْوَفَاءِ بِهِ‏,‏ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ شَاذًّا لِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ جِنْسِهِ فِي الْبَابِ الأَوَّلِ غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَاهُ فَاسِدَ الإِسْنَادِ‏,‏ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُ الْيَمَامَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُخْبِرُ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَعَادَ هَذَا الْحَدِيثُ إلَى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ فَلَيْسَ مِمَّنْ يَقْبَلُ أَهْلُ الإِسْنَادِ حَدِيثَهُ‏,‏ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحًا لَكَانَ مُوَافِقًا لِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ جِنْسِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لاَ نَذْرَ فِي غَضَبٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ نَذْرَ فِي غَضَبٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَكَانَ مَعْنَى لاَ نَذْرَ فِي غَضَبٍ أَيْ‏:‏ فِي غَضَبٍ لِلَّهِ فَعَادَ مَعْنَاهُ إلَى مَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ غَيْرَ أَنَّا تَأَمَّلْنَا إسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَاهُ فَاسِدًا أَيْضًا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ‏,‏ كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَهُ فَوَقَفْنَا عَلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ مَدْخُولٌ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْمُنْقِرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فَاسِدُ الإِسْنَادِ أَيْضًا لأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبَانَ الَّذِي فِي إسْنَادِهِ لاَ يُعْرَفُ وَزَادَ بِهِ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مَا قَدْ بَانَ فَسَادُهُ اضْطِرَابًا أَيْضًا‏;‏ لأَنَّهُ صَارَ مَرَّةً عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَمَرَّةً عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏